تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
shape
شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
68098 مشاهدة print word pdf
line-top
سبب كتابة شيخ الإسلام ابن تيمية للوصية الكبرى

...............................................................................


كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كثيرا ما يتعاهد تلامذته بالنصائح، وبالوصايا من كتابات أو تذكير أو إرشادات أو نحوها.
ولما كان في مصر إنه ذهب إلى مصر في سنة سبعمائة وخمس، وبقي إلى سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، في هذه المدة التقى بهؤلاء التلاميذ الذين هم أتباع عدي بن مسافر وخاف عليهم من أن يركنوا إلى المبتدعة وإلى المتصوفة، وأن يقع فيهم الغلو في إمامهم عدي كما وقع الغلو في غيره من الصوفية؛ فكتب إليهم هذه الوصية وضمنها ملخص العقيدة، ولو كان قد بسط فيها بعض الأدلة، ولكنه أوضح الأدلة التي بسطها بما ذكره من الآيات والأحاديث، وذكر العقيدة مجملة، يعني نوع إجمال، وإن كان فيها شيء من التفصيل بالنسبة إلى غيرها من العقائد.
فالحاصل أن هذه الوصية التي سميت بالوصية الكبرى أنها من جملة نصائحه التي كتبها لبعض من أشفق عليهم من الانحراف ومن الغلو، وقد وقع الغلو في كثير من هؤلاء المتبوعين، ولا يزال إلى الآن المتصوفة يبالغون ويغلون في كثيرمن ساداتهم، ويصرون على ذلك السيد الذي غلوا فيه، مثل: التيجانية فإنهم غلوا في سيدهم الذي يقال له التيجاني والنقشبندية غلوا أيضا في متبوع لهم يقال له النقشبندي والرفاعية غلوا في الرفاعي وكذلك القادرية أو الجيلانية غلوا في الجيلاني عبد القادر ورفعوه إلى أن جعلوه إلها، أو متصرفا في الكون؛ فخشي على هؤلاء -الذين هم تلامذة وأتباع لهذا العالم الذي هو عدي بن مسافر وبين ما يجب أن يكونوا عليه، يعني: الواجب عليكم -وأنتم تفتخرون بأنكم أتباعه- أن ترجعوا إلى الأصلين، والدليلين الثابتين وهما الكتاب والسنة.
وأكد في الاستدلال بالكتاب والسنة، وذكر عقيدة السلف، وأنها متوسطة بين طرفين بين طرفي إفراط وتفريط، وبين طرفي غلو وتقصير، وخير الأمور أوساطها.
ثم ذكر في هذه الوصية كما ذكر أيضا في العقيدة الواسطية: أن أهل السنة وسط في فرق الأمة، كما أن الأمة وسط في الأمم قبلها لا غلو ولا جفاء، فإذا توسطوا وعرفوا ما هم مخاطبون به، وما هم مأمرون به، واتبعوا الدليل فهم على سبيل النجاة.
هذا هو مضمون هذه الوصية التي تعرض فيها لبعض الأسماء والصفات، وتعرض فيها للقرآن وما قيل فيه، وللبعث والنشور والجزاء على الأعمال، واليوم الآخر وما يلزم الإيمان به، وللقضاء والقدر، ولأسماء الإيمان والدين، وما أشبه ذلك مما تعرض له، ومما مر بنا بعضه، وسوف يأتينا -إن شاء الله- ما يتعلق بباقيه. نستمع الآن إلى كلام شيخ الإسلام.

line-bottom